2008-08-30

في الموسيقى

تأملوا معي هذا:


(...وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا )


ماهو الشيء المشترك بين جميع الشعوب والذي يبقى حتى بعد اندثار حضارة الشعب؟

طيب ماهو الشيء المشترك بين الشعوب والذي يميز اي عرق بمجرد الانتباه والتركيز فيه؟

ماهو هذا الشيء الذي تجده في ادغال افريقيا التي لم تتلوث بالغرباء وتجده ايضاً في دول الغرب المتحضر ودول الشرق المتشدد؟



انه الموسيقى والغناء


الموسيقى هي باختصار السفير اللطيف لأي حضارة فلايمكن للغربي ان تحدثه عن العرب دون ان يتبادر الى ذهنه نغمات القانون والعود ، ولا للعربي ان يتصور امريكا الجنوبية دون انغام السامبا و التانقو ، تلك حضارات كان لها صولات وجولات في التاريخ وقد نبرر “ توارث” الموسيقى بشكل ما بينها ، لكن بماذا نفسر وجود الموسيقى حتى عند اكلة لحوم البشر في اعمق احراش افريقيا او حتى عند قبائل الاباتشي المنقرضة؟


شدني اختلاف السلم الموسيقي بين السودان وبين الخليج العربي، فبالرغم من ان شعب السودان يتكلم العربية الا انه كحضارة يستخدم هنا سلم موسيقي خاص ليتغنى باشعاره  لا يستطيع الخليجي ان يتغنى به مهما عمل!


من قبل ظهور الاسلام وحتى اليوم كانت الموسيقى عمود راسخ في صناعة اي حضارة ، هكذا الى جانب العلوم الاخرى التي تميز الحضارة الفلانية عن الاخرى ، اذ انه لا تفسير لوجود الموسيقى عند اشد القبائل تخلفاً وعند اشد المدن تحضراً الا انها “ الموسيقى “ فطرة طبيعية خلقها الله فينا...


انا استغرب من فتاوى تحريم الغناء والمعازف ، وبعيداً عن تحليل النصوص وتفسيرها ، فالحضارة الاسلامية حتى في اشد ايامها توهجاً كانت الموسيقى متواجده بقوة ولم تندثر ، بل انه كلما زادت رقعة الاسلام  ودخلت حضارات الى منظومة الدولة الاسلامية باقتناع او بالغصب ، كانت الموسيقى والفلكلور الشعبي يبقى في الحفظ والصون حتى وصلنا اليوم، بل احياناً تظهر آلات موسيقية جديدة تتزايد طردياً مع تداخل الحضارة العربية مع غيرها في الشرق والغرب والشمال!!


اذاً نطرح سؤال: لو انك من البرازيل واقتنعت بالاسلام انت وكل البرازيل وقد قيل لكم : انك لو اسلمت ومازلت تستمع للسامبا والفانك فسيصب الله في اذانكم الرصاص! فهل ستسلمون؟


اذا اقتنعتم بالاسلام فاكيد ان السامبا ستنقرض من البرازيل تنفيذاً للدين او على الاقل  لن يكون لها ذلك الشأن بعد مئات السنين.


فما بال قبائل افريقيا ،وفارس والفلبين وغيرها والتي دخلت الى الاسلام محافظةً على تراثها الموسيقي الشعبي؟


همسة اخيرة:


ماهو التعارف المقصود في الاية اذا لم يكن الحضارة بكل مافيها؟


علماؤنا بين القدسية وقبول النقد

هذا مقال جريء خفت ان يحذف من موقعه فنقلته هنا!

لعل الكثير من القراء تابعوا في الأيام الماضية السجال الصحفي الذي دار بين أحد أبرز أعضاء هيئة كبار العلماء وهو الشيخ صالح الفوزان وبين بعض الكتاب الصحفيين في سابقة جديدة لم يعتد عليها المجتمع السعودي من قبل, حيث وجهت له العديد من الملاحظات والانتقادات بصورة واضحة وصريحة على صفحات الجرائد, الأمر الذي أساء كثيرا إلى تلاميذ الشيخ ومحبيه فسودوا العديد من المقالات والتي تصب في معظمها للحديث عن منزلة العلماء وأهمية الدفاع عنهم واتهام من ينتقدهم بالزندقة والمطالبة بمحاكمتهم.

واعتلت أصواتهم أيضا بالمطالبة بإنشاء لجان لحماية حقوق العلماء ومن أهم تلك الكتابات "حقوق العلماء" د. عبدالرحيم السلمي و"الهجمة الإعلامية على العلماء أبعادها ودوافعها" د. ناصر الحنيني و"ماذا ينقمون من الشيخ صالح ؟!" د. رياض المسيميري و"لعبة السعي لإسقاط العلماء" لمحمد الهبدان, وجميعها كانت لأسماء أكاديمية لها حراك ونشاط في الداخل ضد التعددية والانفتاح على التيارات الفكرية وقبول الرأي الآخر, ولقد التحق بالركب مؤخرا شخص ربما رأى أن بإمكانه العودة إلى بريق الأضواء من جديد من خلال قضية كهذه ألا وهو الدكتور أحمد التويجري حيث كتب مقالين عنون لهما "تحية إجلال وتقدير إلى علمائنا الربانيين رغم أنف الشانئين" والآخر بعنوان "إلا الكهنوتية وإلا التطاول على العلماء".
هذه الكتابات وغيرها جاءت كردة فعل غاضبة على تلك الانتقادات الصحفية والتي أصبحت في منظورهم تطال أهم وابرز الرموز الدينية, وكل من له دراية وإلمام يدرك انه لم يكن من السائغ مطلقا من قبل توجيه أي انتقادات او ملاحظات لآراء وأفكار أحد من أعضاء وأتباع المؤسسة الدينية الرسمية سواء كانوا علماء أو قضاة أو محتسبين ودعاة, إذ كانت هذه الفئة من المجتمع تحظى بنوع من القدسية التي تحميها من أدنى صور النقد او المعارضة بأي شكل من الأشكال, ولعل أبرز من كان له دور في إضفاء لباس القدسية عليهم مفتي الديار السعودية سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله المتوفى سنة 1389 هـ, فالشيخ وبما كان يحتله من مكانة دينية واجتماعية كان له الدور الأكبر في إيجاد حصانة وقدسية لعلماء وأتباع المؤسسة الدينية الرسمية, فلقد أصدر في عهده العديد من التوجيهات والتعليمات التي كانت تصب في ذلك الشأن دون أن يجرؤ أحد على معارضته في ذلك.
ولقد احتوى كتاب مجموع الفتاوى المطبوع على نفقة الحكومة في ثلاثة عشر مجلدا والذي تيسر لي قراءة عدد من مجلداته على أحد المشايخ الفضلاء على مدى عامين على الكثير من تلك القرارات والتوجيهات, ومن ذلك فتوى برقم (4353) "حيث بعث الشيخ برقية لوزير الداخلية آنذاك بشأن عدم قبول أي طعن في أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن أي عضو فهو غير محتاج لأحد أن يزكيه خلافا لرجال الشرطة الذين يقبل بسماع الطعن في شهادتهم ويحتاجون كذلك لمن يزكي سلوكياتهم".
بل جاء في الفتوى رقم ( 1440) "استنكار وتأنيب لقاض في المحكمة المستعجلة بمكة وذلك لأنه سمح لأحد المتهمين في حضرته بالطعن في شهادة أعضاء الهيئة ورأى أن هذا الإجراء من القاضي خطأ يجب التنبه له وعدم الوقوع فيه مرة أخرى".
فالشيخ يرى أن أي قضية أعضاء الهيئات طرف فيها فيجب على القضاة عدم السماح لأي متهم بالطعن فيهم وفي أقوالهم وذلك لأنهم بمنظوره أشخاص مزكون, فإذا كان هذا هو الحال مع أعضاء الهيئات فكيف يا ترى بكبار العلماء؟وبناء على ذلك فقد أصبح من يقدم على توجيه انتقاد او مخالفة لرأي علماء الدعوة المتمثلين في المؤسسة الدينية الرسمية أو أتباعهم سواء كان بوجه أو بغير وجه فهو المتهم في دينه وعقيدته ومنهجه, لذلك كان سماحة الشيخ محمد بن ابراهيم يرى كما جاء في الفتوى رقم (240) "ان المخالف والمعارض لما عليه أئمة الدعوة فلابد وان يكون صاحب هوى شاء بذلك أم أبى".
وعندما حصلت أحداث العنف والإرهاب في السنوات الأخيرة وظهر اعتماد الكثير من المؤمنين بفكر التكفير في تأصليهم الشرعي لعملياتهم على بعض رسائل ومؤلفات علماء الدعوة وبالأخص كتاب الدرر السنية ونادى البعض حينها بالمطالبة بمراجعة المسائل والقضايا التي تحتويها هذه المصنفات علما أن مثل هذه المطالبة من الأمور غير المقبولة والمرفوضة لدى علمائنا لذلك تصدى رئيس مجلس القضاء الأعلى الشيخ صالح اللحيدان لتلك الدعوى متهما الناقدين والمشككين فيها بالجهل وأن من صدر منه لمز فيها فهو المتهم في عقيدته.
ومؤخرا طالب أحد المتخصصين والبارزين لدينا في علم الحديث وهو الأستاذ د. الشريف حاتم العوني أستاذ السنة بجامعة أم القرى بمكة المكرمة في مقالة له نشرت في موقع الإسلام اليوم بضرورة إعادة النظر في "التراث الوهابي" وداعيا لتدريس والتنبيه على أخطائها وواصفا في الحين ذاته عدد من أتباعها برفضهم للنقد والتخطئة, وكما هو متوقع فقد وجهت مثل هذه الدعوة بالرفض إذ رد عليها الشيخ الدكتور عبدالعزيز العبداللطيف أستاذ العقيدة بجامعة الإمام محمد بن سعود وأحد ابرز المنافحين عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وذلك من خلال بعض المؤلفات والرسائل والمقالات بمقالة له بعنوان اللمز الجلي والخفي لدعوة الشيخ رحمه الله دعا فيها الشريف العوني إلى السكوت والاكتفاء بتخصصه في علم الحديث وعدم الخوض فيما لا يحسنه, ومستقلا في الوقت ذاته الأخطاء التي وقعت فيها دعوة الشيخ, وواصفا للناقدين لها بالصوت النشاز .
وقد لا يقف الأمر عند الاتهام لنوايا ومعتقدات المعارضين والمنتقدين لأفكار العلماء, بل يكون هناك من الإجراءات ما يدخل في إطار التضييق على من يتبنى رأيا يخالف رأيهم ومن ذلك ماحصل للشيخ عبدالله بن زيد آل محمود عندما ألف كتابه أحكام منسك حج بيت الله الحرام والذي تبنى فيه بعض الآراء الفقهية المخالفة لما عليه الفتوى لدى مفتي الديار السعودية ولدى بقية المشايخ والعلماء ومن حق القارئ أن يعرف أن الشيخ بن محمود من أبرز ممن تتلمذ وتلقى العلم من الشيخ محمد بن إبراهيم عدة سنوات ونظرا لتميزه ونبوغه فقد طلبه حاكم قطر ليكون قاضيا فيها وقد مارس القضاء فيها لما يزيد على ثلاثين عاما.
وفي أثناء تلك الفترة ألف رسالته والتي أجاز فيها رمي الجمرات قبل الزوال أيام التشريق وهو رأي فقهي يستنكره علماء الدعوة ويخالف ماهم عليه من الفتوى, وما إن وقعت الرسالة بيد المفتي الشيخ محمد بن ابراهيم إلا وقد قال معلقا عليها كما في الفتوى رقم (1345) "فكل من اطلع على رسالته من العلماء والطلاب لا يشك ولا يرتاب، أنه وقع بتأليفها في هوة مردية، واكتسب بكتابتها سمعة مزرية، وفاه بجهالة جهلا، وضلالة في هذا الباب عميا" وكان سماحة المفتي يرغب بإن يحيل أمره لولي الأمر وهو حينئذ الملك سعود رحمه الله وذلك لردعه واتخاذ الإجراء اللازم بحقه لمخالفته فتوى علماء الرياض ولكن الملك بادره بإرسال الكتاب إليه وإبداء رأيه فيه فأجابه المفتي بأن رسالته قد اشتملت من الأغلاط على ما لم يسبقه إليه أحد, وأنها أساس لنقض أحكام الحج ووسيلة لهدم أحكام الشريعة.
وبعد مضي فترة من الزمن قدم الشيخ عبد الله آل محمود الرياض والتقى بعلمائها وحصلت بينه وبينهم محاورة ومناقشة, ولعل الشيخ كان يدرك أن ثمة عدد من الأمور قد تترتب عليه وذلك لمخالفته لهم, فرأى أن المصلحة تقتضي أن يظهر الندم على ما كتب، وان يصرح بالتوبة عما إليه حول هذا الصدد قد ذهب, فقبل المفتي توبته، وطلب منه أن يؤلف رسالة يقرر فيها أخطائه ويعلن فيها رجوعه عن تلك الاراء فالتزم لهم بذلك وبعد عودته لقطر انتظر المفتي وبقة العلماء عدة اشهر ولم يصل شيئ منه حينها أدركوا انه مازال على ارائه السابقة وأنه لم يغير شيئا منها عندها ألف المفتي الشيخ محمد بن ابراهيم رسالة مطولة بعنوان "تحذير الناسك مما أحدثه ابن محمود في المناسك" صب جام غضبه فيها واتهمه فيها بالجهل قائلا له "أفلا يستحي رجل هذه بضاعته في أحكام الحج من أن يتكلم فيه، فضلاً عن أن يكتب، فضلاً عن أن ينشر ، فضلاً عن المبالغة العظيمة في النشر والتعميم" واتهمه بالافتراء على الله وعلى رسوله والاستهانة بشرائع الدين, حيث قال "فأتى هذا الرجل من الفرية على الله ورسوله مالا يخفى على أهل العلم" وقال ايضا "أنه مع جهله حاول الاستهانة بشأن رمي الجمار ، وهذا هو الذي حمله ـ والله أعلم ـ على سلوك هذا المسلك".
الطريف أن بعد هذا السيل الهائل من التهجم لمجرد أن الشيخ خالفهم في مسألة فقهية فإن عددا من كبار العلماء الآن أصبحوا يفتون اليوم بما كان يفتي به الشيخ بن محمود!بل قد يستخدم أحيانا بعض الأساليب القاسية مع مخالفي العلماء فقد طلب أحد المشايخ في عهد الشيخ محمد بن ابراهيم الحصول على رخصة التدريس والتعليم بالمساجد كما في الفتوى رقم (4525) وقد تم سؤال ذلك الشيخ عن مؤهلاته وعن الذين تلقى عليهم العلم من قبل رئيس المحكمة الكبرى في جدة, فأشار الشيخ محمد بن ابراهيم بأن ذلك لا يكفي بل لابد من مزيد تقصي عن معتقده عن قرب وان يجعل من يراقبه بصفة سرية في دروسه حتى نطمأن له وبعد ذلك يمنح رخصة التعليم والتدريس.
وقد حدثني أحد علماء الحجاز قد جاوز الستين من عمره عن معاناته بسبب وجود أناس تم تكليفهم من بعض الجهات الدينية لمراقبته في تحركاته وعن الأشخاص الذين يزورهم والكتب التي يتدارسونها في بيوتهم.
و من ذلك ايضا ما حصل في وقتنا للشيخ دبيان الدبيان أحد علماء القصيم والمستشار الشرعي في وزارة الشؤون الإسلامية حينما ألف كتابا له بعنوان (الإنصاف فيما جاء في الأخذ من اللحية وتغيير الشيب بالسواد من الخلاف) دعم فيه قوله بجواز الأخذ من اللحية بأدلة كثيرة والذي كانت خلاصة كلامه بما قاله في لقاء نشر في إحدى المجلات "بأن القول بتحريم الأخذ من اللحية مطلقا هو بدعة نجدية لم يسبقهم أحد بالقول به"!!مثل هذا الكتاب وان كان مدعم بالأدلة الشرعية فإنه لم يرق لعلمائنا الكرام بسبب مخالفته لرأيهم وإظهاره لضعف أدلتهم لذلك أصدرت اللجنة الدائمة للإفتاء وبرئاسة المفتي العام الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ فتوى مختصة بالكتاب المذكور برقم (21026) "حذرت فيها من الاغترار بالقول المذكور في الكتاب ودعت الكاتب بالرجوع للحق والكف عن نشر الكتاب, ولم تتضمن فتواهم أي مناقشة علمية للكتاب"!
وفي مقابل ذلك كله ترى أن علمائنا الكرام يحظرون على الناس أن يخالفونهم بينما يبيحون لأنفسهم توجيه كافة أساليب النقد والتقريع لمخالفيهم ولا اعني بذلك المخالفين لهم ممن يعتبرهم البعض من غير أهل السنة والجماعة كالصوفية او الشيعة فهذا من المسلمات لديهم ولكن مقصودي هو انتقادهم لأئمة عظام قد أجمعت الأمة على إمامتهم في الدين من علماء المذاهب الأربعة وغيرهم ومن سار على نهجهم الى يومنا هذا .
فهذا الشيخ محمد بن ابراهيم يرى في الفتوى رقم (3945) "بأن الشوافع أي المتبعين لمذهب الشافعي عندهم نوع من الوثنية"!! وكذلك عندما سئل أحد الدعاة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في شريط الدمعة البازية عن الإمام الذهبي صاحب التصانيف الشهيرة وعن عدم تكفيره لأحمد بن أبي دؤاد القائل بخلق القران فأجاب بقوله "الذهبي ليس من أهل الفقه والبصيرة الذهبي عالم وسط يعتني بالحديث والسنة ولا يعتمد عليه في الشريعة".
وعندما سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله عن الإمامين النووي وابن حجرفي لقاء الباب المفتوح فقال "هما فيما يذهبان إليه في الأسماء والصفات ليسا من أهل السنة والجماعة".لقد أثر هذا التوجه فيمن يتلقى ويعكف ركبه الشهور والسنوات عند علمائنا وهو يسمع إطلاق مثل هذه الأحكام، لذلك فلا غرو أن يقول أحد أبرز تلامذة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله وأكثرهم علما وفقها ومكانة وهو الشيخ عبدالكريم الخضير والذي يحضر دروسه أعداد كبيرة من جيل الشباب من طلاب الجامعات والثانويات في أحد دروسه وذلك عندما تطرق إلى قول الإمام ابن حزم في إباحته للغناء والموسيقى فقال مستنكرا عليه "هل يرضى احد أن يجعل ابن حزم يقوده للصراط المستقيم وهو يرى بأن الله انزل أربعة قراءانات وليس قراءنا واحدا" وذلك للتنفير منه ومن آرائه علما أنه لا يعقل أن يدعي مسلم ذلك فضلا عن عالم بهذه المكانة.
لقد تمنيت كثيرا أن تحظى مثل هذه السجالات الصحفية التي ظهرت مؤخرا سواء الفقهية منها او غير ذلك بمباركة وتأييد من قبل كبار العلماء وذلك كخطوة تصحيحية منهم للماضي الذي عاشه مجتمعنا, ولقد استأت كثيرا من موقف الشيخ صالح اللحيدان تجاه تلك الحوارات الصحفية والتي وصفها في إجابة له على احد الأسئلة "بأن مثل هذه الانتقادات على كبار العلماء هي نذير سوء وانه لا يذمهم إلا من كان في دينه خلل او اختلال". إن ترديد وتكرار مثل هذه العبارات في هذا الوقت قد يصيب الكثيرين بإحباط تجاه كبار العلماء, فلقد أصبح الكل يدرك أنه من الضرورة الآن أن تقوم كافة المؤسسات الدينية الرسمية لدينا بإعادة النظر لكثير من آرائها وأساليبها وموقفها من المخالفين لهم بدءا بكبار العلماء والقضاة والدعاة والمحتسبين, وأن يحرصوا على تأييد كافة صور النقد والمراجعة لتراث علماء الدعوة, وأن تتسع صدورهم لتقبل الآراء المخالفة والناقدة لهم طالما أنها تقدم ضمن إطار موضوعي, وأن يخلعوا ثياب القدسية عن أنفسهم وعن أتباعهم وأن يؤمنوا بحقيقة بشريتهم القابلة للخطأ والصواب, فإن تحقق ذلك على أرض الواقع وهو المرجو منهم بحول الله فإننا قد وضعنا أولى خطوات الإصلاح الحقيقي لمجتمعنا.
*خاص بموقع "العربية.نت"