خرج عليهم الامام متجهم الوجه ، عابس مكفهر ، واعتلى المنبر وبدأ يحمد الله ويستغفره و يثني عليه ، ثم قال:
ياجماعة..
ان الله غاضب عليكم ، وقد اشتد غضبه و ارسل الزلال والبراكين على الشرق والغرب فلم يتعظوا ، ثم ارسل عليهم الغرق والقمل والجراد ، فلم يتعظوا بل اخترعوا مبيدات حشرية و مراكز رصد الاعاصير والزلازل، والله انهم غافلون فاذا اتى امر الله لا تنفعهم احتياطاتهم ولا تغني عنهم حصونهم!
" مازال المصلون يهفهفون على انفسهم بقطع كرتون وقماش لتخفيف الحر القاتل "
ايها المسلمون:
لقد ابتعد الناس عن الله ، و نسوا فضله عليهم ، و ما تلك الزلازل بمنطقة العيص " 200 كلم شمال المدينة " الا تنبيهاً وتذكيراً ، فالله يرسل تلك الزلازل التي شردت الناس الضعفاء لكي يتذكروا قوته وجبروته ويخشون عذابه ويطمعون رحمته!
"لازال المصلون يهفهفون"
ايها المسلمون:
لاتغتروا بمن يقول ان سبب الزلازل هو تحرك الحمم داخل طبقات الارض ، او كما يسمونه نشاط زلزالي او اي اسباب مادية ( زعموا ) بل هو الله غاضب لابتعاد الانسان عن خالقه وركونه الى الحياة والاسباب المادية ونسي ان هناك متصرف في الكون لا غنى للانسان عنه !
ثم بكى الامام وبكى المصلون واقيمت الصلاة ثم انصرف كلُ الى بيته لينعم بالهواء البارد ويشاهدوا برنامج اضاءات مع تركي الدخيل!
هذه هي خطبة الامس من الحرم، اقتناص الفرصة للتخويف والترهيب ، او ربما لم تكن هناك خطبة جاهزة فتم استغلال الموقف ، منطقة العيص من المناطق التي تقع ضمن نشاط زلزالي في السعودية ، وتعرضت طوال شهر مضى الى اكثر من 2000 هزة تصل قوتها الى 3.5 على مقياس ريختر ، والفترة الاخير وصلت الى 4 درجات ثم 5.5 درجة!
اذا اخذنا تفسير الامام في الخطبة ، سنجد ان الله ارسل SMS ولكن لم نفهم ماهو المطلوب، ثم ارسل العديد من الرسائل ثم تصاعدت قوة الرسائل الى ان وصلت الى مكالمة هزت الارض هز!
الا انني لم افهم لماذا يختار الله دائماً قرى معزولة فقيرة ، اهلها من الاطفال وكبار السن والعجائز ، وتقع ضمن نشاط زلزالي؟
اعني لو ان الله يريد تنبيهنا وتحذيرنا لأختار الرياض كونها العاصمة او حتى قرية تتبع الرياض ، والاهم من ذلك كون الرياض بعيدة حبتين عن النشاط الزلزالي ، وسيكون الزلزال هناك من المستحيلات التي لايعجز عنها الخالق.. صح؟
الا انه اختار مكان اصلاً معرض للزلازل و فوق هذا سكان ضعفاء فقراء ، الا يدعو ذلك الى الدهشة؟
ارأيتم!
لازالت الموروثات البدائية تتحكم فينا، وتستثار حسب الدوافع والظروف ، لازالت فكرة الاله الغاضب تعشعش في الاذهان ، و ينتظر من عباده القرابين البشرية ليهدأ !
الاخ الخطيب استنتج ان الاله غاضب ، وانه بانتظار استغفاراتنا وكأننا مقصرين في هذا الشأن و مقصرين في تلاواتنا وصلواتنا ، والاخوة تحت الشمس قتلتهم الحرارة العالية رغبة وطمعاً في رحمة الاله ، وهناك اخوة اخرين لا تعلمهم يجاهدون هناك في الصومال والباكستان ويضحون باسم الرب ، فلماذا يغضب؟
ليست هي المرة الاولى التي يظهر احدهم ويجزم ان الله غاضب و يحاول تذكيرنا ، فسبق ان ظهرت اشرطة العويل والبكاء بسبب سونامي 2004 وكاترينا 2005 ، الاول انتقام بسبب المعاصي والزنا والفجور هناك ، والثاني انتقام كذلك من امريكا وعمايلها بالعراق، ومن يقول انه بسبب زلزال طبيعي في باطن الارض في منطقة زلازل او عاصفة استوائية في منطقة مشهورة بالعواصف هو احمق ولا يفهم ، والدليل هذه الصورة:
كان بامكان الخطيب اعفاء الناس من عذاب الانتظار تحت الشمس و الحر ، وبكلمتين تنهي عذابهم ويحصلون على الاجر : ايها الناس ان الزلازل والبراكين والاعاصير ظواهر طبيعية يمكن التنبؤ بها والحد من الاضرار كما فعلت اليابان ببناء عمائر تتمايل مع الهزات دون ان تتحطم ، او اتباع بعض الخطوات البسيطة للاخلاء ، ولا داعي للخوف او القلق واستمتعوا بالحياة!
اليس هذا افضل بدلاً من البلطجة على الضعفاء وارعابهم ؟
تحياتي
تحياتي