2008-09-09

حياتنا المملة

مشكلة القوانين الدينية انها “ تفترض “ ان المسلم سيطبقها خاشعاً لها مؤمناً بكمالها، والواقع هو عكس ما نراه في حياتنا. لو بدأنا بالصلاة التي هي عمود هذا الدين كما يقال، سنجد ان نسبة كبيرة من الشعب متهاون في ادائها ، فلكي يصلي ابنك يجب عليك ضربه منذ الصغر ، ويجب على الدولة ان تنشئ جهاز امني وظيفته التأكد من المحافظة على الصلاة عن طريق اقفال المحلات التجارية عند الاذان كي لا ينشغل الناس بالتجارة، وفضح من لا يصلي في المسجد وتسجيله من اصحاب السوابق!


ثم على المستوى الاجتماعي ، الدين يقول ان على الجار ان لايؤذي جاره ابداً ، ولكن يبدو ان المثل القائل احذر عدوك مرة واحذر جارك الف مرة صحيح هنا! ، فنادراً ماتجد بيتاً لا يوجد على جدرانه سور من الصفيح كي لا يتلصص اولاد الجيران على عورات البيت، وايضاً نادراً ماتجد الجيران يتبادلون الزيارة بينهم الا في المناسبات الرسمية و التي تكون غالبا “ عزاء او عرس”!


كم من البيوت حولنا اهلها جياع ولا نعرف عنهم اي شيء؟ اليس هذا من عكس الحديث النبوي الذي ينص على ان لاينام شخص شبعان وجاره جائع؟ هنا تكمن المشكلة ان الدين يفترض انك ستطبقه من تلقاء نفسك من باب الايمان والتقوى!


تأملت في صلاة الجمعة كيف ان اغلبية المصلين يأتون اليها متأخرين مع انه يوم اجازة وقبله يوم اجازة ، وقبل فترة نوقش قرار تعديل ايام الاجازة الاسبوعية ليصبح الجمعة والسبت بدلا من الخميس والجمعة ، فكانت ابرز حجج المعارضين هو صلاة الجمعة وانها بهذه الطريقة سيكوون من الصعب التبكير للحضور اليها!


عن نفسي لست حريص على الجمعة ، فترة من حياتي كنت احضر اليها قبل الاذان الاول ، ولكن اكتشفت ان الموضوع عادة فقط وليست عبادة ، الامام يقرأ من مبدأ “ درس اليوم يا شطار “ وهذا الدرس يكون اما “ اخلاق الرسول مع زوجاته” او “ قوة الايمان “ او احياناً كثيرة فضائل السواك!


وتجد ان العن اخلاق في العالم هي اخلاقنا مع انفسنا ومع اهلنا، ولا يفيد معها مليون خطبة ، فالحياة رتيبة مملة والنفاق الاجتماعي اغرق البلد ، كآبة ونكد وجفاف ابتلينا به.فمن الطبيعي هنا ان يتزوج الرجل بالسر ويطلق وينهب راتب زوجته ، واذا اشتكته في المحكمة فالقضية قد تخسرها لانه يجب ان تطيع زوجها في المعروف ويتم تطفيشها بمراجعة المحاكم والمصاريف الاخرى. فاين قوة الايمان وبماذا نؤمن؟ هل يعقل ان هناك ايمان والبلد تمر باكبر ميزانية مالية في تاريخها  وافقر شعب حتى السواك اصبح مخلوطاً بالفلفل كنوع من الغش التجاري!


لا تجد خطبة جمعة تتحدث عن حقوق الفرد لدى الحاكم ، ولا تجد خطيب الجمعة يتحدث عن احوال اهل الحي “ من منطلق ان لكل حي جامع  او اكثر” ولا يتحدث عن اي حدث يمسنا من قريب او من بعيد، هو يتحدث فقط عن مسلسلات تاريخية.


في الغرب العلماني ، استغرب من وجود صناديق البريد ليست مقفلة بالمفتاح امام كل منزل ،صديقي البريطاني يقول: احياناً يأتي الى صندوق بريده رسائل بالغلط ، فيكتب على ظهرها “ تعاد الى المرسل “ ويضعها في الصندوق فيتم اعادتها كما هي!!، واستغرب من وجود باعة الحليب وموزعي الجرائد يعملون حتى اليوم ، فبينما نسمع عندنا ان نسبة الجرائم في الغرب خيالية ، نجد ان صناديق البريد عندنا المغلقة بالمفتاح قد كسرت وان اسطوانات الغاز تم سرقتها من داخل فناء المنزل المغلق ، ولا يمكن ابداً ان تترك سيارتك بالخارج دون ان تسرق اطاراتها او انوارها او تسرق بكاملها!


في الغرب العلماني، اذا ازعجك جارك بنباح كلب الحراسه الذي يملكه او بصوت التلفزيون ، فيمكنك ببساطة الاتصال بالشرطة لايقاف هذا الازعاج بتنبيهه عن هذا بلطف، عندنا في بلد التوحيد ، من المستحيلات ان تتصل بالشرطة لهذا السبب ، ولذا تجد من الطبيعي ان المراهقين يمارسون التفحيط بسياراتهم تحت نافذة غرفة النوم  اخر الليل ، وتتصل بالشرطة فلا يستجاب لاتصالك!


في الغرب العلماني ، تجد ان الطفل محاط بالرعاية من الدولة ، فبينما ينتشر لدينا حوادث اغتصاب الاطفال وخطفهم وتصويرهم ، ولا يعاقب الفاعل الا بعدد بسيط من سنين السجن والجلد لا تتعدى اصابع اليد الواحدة ، قد تصل العقوبة هناك الى الاعدام، وعندنا قد يضرب الاب ابنه حتى الموت ، بينما هناك من يجرؤ على فعل هذا سيفقد ولده ويعطى الى اسرة محرومة من الاطفال!


في الغرب العلماني، تجد ان الفتاة لها الحق في العمل تماماً مثل الفتى ، بينما لدينا تجد من حق هيئة الامر بالمعروف ان تطرد الفتيات من اعمالهن وقطع ارزاقن بحجة  مخالفة تعاليم الدين!


بصفتنا الدولة التي تطبق الاسلام تطبيقاً كاملاً  كما يقولون ، اجد ان هذا الاسلام “ كارثة “ في حق الانسان والمجتمع ،  اريد شيئاً واحداً نفعله باسم الدين ولا اجد مثله هناك باسم العلمانية افضل منه لدينا ، دخلت كنائس هناك ووجدت ان من يصلي يصلي في هيئة نظيفة وبدون نفاق ، اجد شباب يحملون شناطهم على اكتافهم وبداخل الكنيسة يستمعون الى الخطيب  واعينهم الى الارض.

اجد هيئات لحماية حقوق الاطفال و هيئات اخرى لحماية المرأة وحقوقها ، وهيئات لحماية حتى الحيوانات والمشردين من الناس ،وكلها لاتتبع الدولة وانما مجهود شخصي من الشعب لحماية نفسه.


هناك وجدت ان الناس تبحث عن اي مناسبة لتحتفل وتعيش لحظات سعادة، بغض النظر عن دينك فنحن نحتفل فشاركنا سعادتنا!


بينما لدينا تدخل المسجد من الاذان وحتى الاقامة لا تجد الا المؤذن ونصف صف ، واثناء الصلاة تسمع نغمات الجوالات “ مع وجود لوحة اطفاء الجوالات “ وعند انتهاء الصلاة تلتفت لتجد ان غالبية المسجد قد امتلئ بالمتاخرين عن الصلاة و عدد لابأس به يلبسون جلابية النوم وروائحهم النتنة. طبعاً لا اشمل بحديثي المكرفونات واصواتها التي تفزع من في القبور. ويخرجون من المسجد مثل الجراد المنتشر لا احد يعرف جاره  ولا يريد ان يعرفه احد ، لا تجد ان احداً قرر ان يحتفل ويدعو جيرانه ، لأنه اصلاً لا توجد اي مناسبة للاحتفال ! وفوق هذا اي مناسبة تحتفل بها هي بدعة حسب الاسلام ماعدا عيدين في السنة من اسوأ الاعياد وابردها واشدها كآبة.



قبل ٢٠ سنة كنا نعلق الفوانيس في شهر رمضان على ابواب البيوت و ابواب المحلات ، كان هذا بالنسة لي اجمل مافي رمضان ، طبعاً الغيت هذه الفوانيس ولم يعد لها اثر الان بحجة انها بدعة ، وان هذه الحياة هي مرر للدار الاخرة ، فلا وقت لدينا للمرح، ومن يريد ان يعيش سعيداً فليموت!



  حقوق الانسان لدينا والجمعيات الخيرية تتبع الحكومة ، وما اكثر بلاوينا الا من هذه الحكومة ، فحقوق الانسان معينة بكامل اعضاءها من موظفي الحكومة! والجمعيات الخيرية اما ممولة للارهاب او نايمة في العسل فموظفينها عادةً ليس من اهل البلد ولا رقابة لحركة دخول المال وخروجه واين يتم صرفه!


خاتمة المقال:


فاصل وسنعود!

ليست هناك تعليقات: