2009-04-15

الا سندويشاتي ما اخليها !


هذه الايام اتمتع بقدر من الحرية كون " المدام " عند اهلها في مدينة اخرى ، وهذا يعني انني سأتدبر امر الغسيل والاكل لوحدي، وسأشاهد قناة " غنوة " الفضائية دون خوف من غارات مفاجئة بعد ان فاتني نقل هذه القناة على السعودية الفضائية بالغلط في احد الاعياد!






ينتهي عملي عند الساعة الثالثة والنصف مساءً ، اي مع دخول وقت صلاة العصر المقدسة ، وحتى اصل الى المنزل يكلفني هذا قرابة الثلث ساعة ، ثم انتظر عند اي مطعم 10 دقائق حتى يخرج علينا من داخل المطعم المقفل العامل ليفتحه اعلاناً بانتهاء الصلاة!هكذا هي حياتنا في الرياض وغيرها من مدن المملكة السعيدة! وتحت شعار الا صلاتي ما اخليها تقفل جميع المحلات عند صياح المؤذن مهما كانت حالتك النفسية او الصحية ، ليس بسبب شوقهم الى الله بل خوفهم من ميليشيات الهيئة!





فما هو اصل هذه العادة ؟ ومتى بدأت؟

كما هو معلوم ان السعودية قامت على اساس انها دولة دينية تطبق الاسلام بحذافيره، واهم ركن في الاسلام الصلاة ، والمنطقة الادارية في قلب نجد ، ورجال الدين من نجد ، لذا تم تعميم هذه العادة على جميع مناطق المملكة لاحقاً. طبعا هم يستشهدون بآية في سورة الجمعة ( اذا نودي للصلاة من يوم الجمعة الخ الخ الخ ) مع وضوح معناها وانها تتحدث عن الجمعة الا انه التشديد والتعسير بل انه ضمان الولاء للشيخ كما سترون لاحقاً..

ولكي يحافظ الناس على الصلاة في المسجد افتى علماء نجد في تلك الفترة باقفال المحلات وقت الصلاة ، و تعزير من لايستجب للنداء ، بل وحتى القاء القبض على من يتمشى امام المحلات وقت الصلاة.. فكل شي الا صلاتي ما اخليها!

دارت الايام.. تيريررم .. ومرت الايام

اتت فترة الستينيات ، وقويت شوكة القومية العربية على حساب الدين والمذهب ، والجمهورية زعزعت عرش الملكية ، لذا وكما اصبح هناك حرب باردة بين الشيوعيين والرأسماليين ، اصبح لدينا نفس الحرب بين القومية العربية و الاسلاميين ! تنافست مصر والسعودية في تسديد اللكمات ، فنكل جمال عبدالناصر بالاخوان المسلمين بعد محاولة اغتياله ، فاستضاف الملك فيصل جماعات الاخوان الهاربة الى السعودية! والعكس صحيح حين هرب الامراء الاحرار من السعودية الى مصر! وانشأت اذاعة صوت العرب المصرية و في مواجهتها كانت اذاعة نداء الاسلام بصوت مذيع مصري!

في السعودية تغلغل انتشار سرطان الاخوان المسلمين في نظام التعليم والاعلام وظهرت لدينا جامعات اسلامية ثلاث ، حتى بداية الثمانينات عندما حصل اقتحام للحرم المكي استجابة لخرافة الامام المهدي العتيبي ، ليحصل بعدها اول انتصار للاخوان سياسياً ، حيث خرج لنا مايسمى الصحوة الاسلامية ، ودعوات لاكمال الجهاد في افغانستان ، وبدأ معها عملية خطف عقول الشباب حيث تم التوسع في تحريم الاغاني والافلام والفيديو والسينما ( وقد كانت متوفرة بشكل بسيط قبل الثمانينيات)، واختفت الست ام كلثوم من التلفزيون ، وظهرت لنا المطويات التي تشجع البشر على كره الحياة و الرغبة للموت ، وانتشرت صور القبور والاكفان في المساجد والمستشفيات و قصص عذاب القبر وعذاب النار والحنش الاقرع!





وهكذا انتج لنا جيلاً يكره الحياة ويرغب في الموت لرؤية حبيبه الرحمن! وتوسعت ميليشيات الهيئة في عملها ، فصارت تراقب الناس وتحاسبهم حتى قبل ان يرتكبوا المنكر ! فتضربهم في الشوارع باسم الرب ، وتقتحم بيوتهم وتتجسس على المطاعم ، بل يصل الامر الى قتل المشتبه به بدون ان يحاسبهم احد ، فرجل الحسبة لايحاسب ، وهم الوحيدون في هذا العالم الذي لايمكن ان يطبق عليهم اي قانون جزائي..

في هذه الاجواء البوليسية الدينية ، اصبح شيئاً عادياً ان تلعن الله ومن ارسل وانت في انتظار SUBWAY المطعم متى يفتح! وتكاد تقتل العامل الذي يقفل المحل في وجهك لأن وقت الاذان باقي عنه 10 دقائق والمطعم مزدحم ولا يقبل اي زبائن جدد ، كل هذا لكي لا يتهاون الناس عن اداء الصلاة ، فكل شيء الا صلاتي ما اخليها ، واليوم اكملت سنة لم اركع لله ركعة !

هؤلاء القوم لايفهمون ان العبادة تحولت الى عادة ، فانت ان اجبرت شخصاً على اداء عمل معين فهذا لايعني انه مؤمن به! وهذا ماكان يحصل لنا في المدرسة ، حيث كان المدرسين يجبروننا على الصلاة وآداء السنة الراتبة ثم الخروج بانتظام وهم واقفون على رؤوسنا يراقبون ويحصون ركعاتنا! وقد قام احد عتاولة الطلاب بالاعتراض على اداء ركعتي السنة ، فتم خصم علامات من حسن السلوك عنه! لذا كانت الخطة هي ان نصلي بلا وضوء ، فكان هذا !

من المواقف الطريفة في الحي الذي اسكنه ، انه اذا فات احدهم فرض في المسجد يقوم بالتلثم بالشماغ كي لايعرفه احد، ويختار اقصى ركن في مؤخرة المسجد ليصلي! اضف الى ذلك نغمات الجوال التي لاتنقطع ، والان بحمد الله وفضله بعد اسلام العديد من الجاليات الاسيوية اصبحت النغمات اكثر تنوعاً واطول وتعكس ثقافات متباينة جمعها المسجد!!

الا ان الغريب هو ان يطرق احدهم باب منزلك بعد الصلاة، فتفتح الباب وتجد مجموعة من الشباب بابتسامات خبيثة ويبادرك احدهم بعد السلام بسؤال : وراك ماصليت معانا بالمسجد الله يجزاك بالخير؟ مهما حاولت التبرير بأنك موظف قطاع خاص واحياناً تكون خارج المدينة وتعود متأخراً ، كل ذلك لا يهم ، الا صلاتي ما اخليها!

يمارس المجتمع الضغط عليك لتحافظ على الصلاة بالمسجد ، فالصلاة في المنزل لاتصح عندهم! و يتطور الامر الى ان يعزلك المجتمع كشخص غير مرغوب فيه ابداً ، فلا تدعى الى مناسبات او حفلات ، ولا احد يزورك ولا احد يرغب بالسؤال عنك ولا احد يرغب بتزويجك او ان يتزوج من قريباتك بل لا ولاية لك على اولادك! بل حتى لو كنت متزوج فتمارس زوجتك الضغط عليك و قد يسترجعها والدها لأنه لا يجوز لك ان تنام مع زوجتك لأنك لاتصلي ، والصلاحية للقاضي بأن يطلقها منك ويحرمك من اولادك مدى الحياة يا فاسق ! اضافةً الى انك لا تدفن في مقابر المسلمين بل يرمى بك في الصحراء!









تسألني لماذا كل هذا مع الصلاة وليس الصيام او الحج او غيرهما؟

لأنك عندما تصلي ( في المسجد ) فانك بديهياً تصلي خلف امام ، وهذا الامام بديهياً ينتمي الى الحزب الديني الصحوي ، فتتقبل منه خطبه العصماء ومحاضراته والدرر التي يلقيها ، قلما تجد امام لا يتحدث عن الموت والقبور و الجهاد ، ويلعن في العلمانيين وكتاب الصحافة والمثقفين ، و قلما تجد مسجد يخلو من مطويات تحذر من خطر السينما و الفضائيات و قيادة المرأة لسيارتها ، و لأننا شعب لا يفكر ولا يقرر بل يترك ذلك لاصحاب اللحى المنفوشة ، فمن الاسلم ان نتبع مايقوله الامام فهو العالم ببواطن الامور، اتحداك ان تحاور اي انسان يحذر من السينما والفضائيات ويكون قد استنتج سبب تحريم السينما وقيادة المرأة وغيرها بنفسه بدون ان يقول : قال بن باز!

فلا تستغرب اذا امتلأت احد الجوامع وساحاته بمئات الشباب فقط لأن عائض القرني سيلقي محاضرة بعد صلاة المغرب ، او امتلأت الشوارع بمنشورات تبشر باحياء "التون جون" اقصد الحوالي محاضرة بعد العشاء، بينما تخلوا قاعات التدريب على البرمجة اللغوية العصبية من الشباب اياهم ، فهؤلاء الشباب يسعون خلف امامهم وليس خلف موضوع المحاضرة، وبالتالي فكل مايقوله الامام صحيح مقدس ويمثل تماماً رأي الله نفسه!










وهذا مايريدونه ، يريدون مجتمع يأتمر بأمرهم وينتهي بنهيهم ، والى الان هم قد نجحوا في ذلك ، دولة بكاملها اصبحت ملك لهم يحركون الجماهير بفتاوى ويمنعونهم بفتاوى، ويقطعون كذلك رقاب الناس بفتاوى! وقد استسلمت لهم الجماهير ، فكيف تجرؤ على مخالفة امامك ؟

كنت اتناقش مع احد اصدقائي عن حقوقنا كأفراد ، وضرورة تطبيق العلمانية والدولة المدنية ، فكان رده اغبى رد سمعته في حياتي: اهم شي انهم يسمحون لي بالصلاة!

ولهذا موضوع اخر!

Angel


هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

ايها الزنديق اتستهزيء بالاسلام يا عدو الله لسوف تحرق في نار جهنم وبئس المصير
يا هذا الصلاة عمود الدين يا كافر
عقوبة المرتد الحد بالسيف
متى يتم الامساك بك لارى القصاص بعيني

storm angel يقول...

انا ما بعرف اذا الاخ " غير معرف " رح يشوف ردي يمكن عالاغلب ما رح يرجع ابدا بس انا بعتبر الاخ من الاشخاص يللي ما بيحترمو رأي الاخر يعني حتى لو كان رأي الاخ Angel رأي خاطئ مع اني بأيده بأغلب يللي حكاه رح يحتاج شخص يصحح وجهة نظره وانا اجزم انو هذا الشخص مستحيل يكون من نفس العقلية يللي بيتمتع فيها " غير معرف "

شكرا
<<<<<<<<<<<<<<<<<<>>>>>>>>>>>>>>> 

Pure يقول...

Angel

كيف بدأت رحلتك هذه؟ (من الإيمان إلى الشك)

هل قرأت كتب؟ أم تعرّضت لموقف جعلك تتخذ هذا القرار؟

أعذرني على تطفلي